آخر الأخبار
... جاري التحميل

"أبصرت"، خاطرة بقلم المبدعة أسماء عباسي .

0


أبصرت

أحسست حينها بيد الموت تدنو مني، و قبضتها تنبسط رويدا رويدا.
 أحسست نفسا  لها على وجهي و خيالا لمخالبها على حائط بيتي.
 سمعت لها نغوا في أذني و صداها مس ثنايا عقلي فأيقنت أنها اقتربت و أني على عتبتها واقف و ماريب موتي غير أن تغرس فيّ المنية مخالبها تلك، طفقت أنادي بلجاجة المستغيث وسط اليم لعل الموج يلفظه، صرخت بما أوتيت من صوت أين أنت يا حسناتي، أجيبيني يا أعمالي الجيدة، لكن ما من مجيب، نهضت أهرول ذات اليمين و ذات الشمال باحثا عن زادي، فوجدتني لا أحيط ملكا إلا بأكياس أجر معدودات ما أظنها قد تثقل ميزاني يوم سؤالي.
عدت بذاكرتي لأيام وجدتها مكتظة الأحداث و في إنفجار الأحداث الديمغرافي ذاك لم أجد خيرات ولا حسنات بوسع أحد أن يغبطني عليها.
 كان مرهقا أن تكون ذاكرتي مقبرة لكل ماهو جيد، عرس دنائة و الأشد إرهاقا أني وجدتني محملا بأخلاق الشوارع التي خلت هي من أخلاق الإنسان.
 حبذا لو كنت فارغا من الإثنين،  ولا حبذا أني امتلأت بما وجب أن أفرغ منه.
 أذكر كم كانت الحياة أيام صباي رحبة و الهواء أخف وزنا و أنقى، لأني لم أرَ ما بعد الموت و اليوم و قد فض غشاء الرؤية فأبصرت.
 رأيتني صفر اليدين، أفقر الفقراء، أراني عاريا من الأجر حافيا من الحسنات، فبكيتني يوم كنت آمل سبل النجاة و لا أسلكها بيد أن تلك الطيور الصغيرة قبل أن تلتجئ للأغصان للمبيت تراها تبعث بتغريداتها تسبيحات شكر النبات، يسبح لبارئه بكرة و عشيا، و أنا الذي رفعني لأعلى الدرجات و ميزني عن كل المخلوقات لم أرضَ غير أن أنزل لأسفل الدركات فعصيته جهارا و نمت عن صلاتي مرارا و تكرارا.
بقلم: عباسي أسماء 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

جميع الحقوق محفوظه © أقلام

تصميم Noro Soldat