رواية ليلة لشبونة للكاتب الالماني ايريش ماريا ريماريك من ترجمة د.ليلى نعيم و الصادرة عن دار النشر اثر في 322 صفحة
هذه الرواية التي جرت أحداثها في ليلة واحدة في مدينة لشبونة و لكن بين طياتها سفر لعدة أماكن من أوربا على عدة فترات زمنية.
قد يحتاج الواحد منا لشخص غريب بغية الفضفضة و البوح خوفا من أن تخنقه الذكريات و ترهق كاهله هذا ما حصل مع صديقنا جوزيف سابقا و شيفاريتس لاحقا.
و اخترت هذا الاقتباس كتساؤل.
*هل ستكون هناك خسارة لو استطاع الانسان التمسك بالاحاسيس و هل تختفي مدينة اذا غادرها الاسان؟ و هل تعيش مدينة دمرت في داخل انسان ؟ هل يعرف احد ما الموت ؟ هل يعني الموت تلاشي لو بزمن امام اعيننا ؟ و هل يعقل ان كان لنا , قبل ان ندخل هذا العالم وجه اخر سيبقى و يجب ان يبقى بعد الدمار المرحلي الذي ننتظره؟
جرت احداث الرواية قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية, بعدما تم اعتقال جوزيف و دخوله سجون التعذيب في المانيا و بعدها فرالى فرنسا هناك عايش كل انواع الذلو القهر و الاشتياق و يمكنللقارئ ان يتخيل تلك المعاناة لمهاجرين او متسللين للدولة العدو ......اعتقالات . تعذيب . محاولة استنطاق. تهم و ما الى ذلك
كل هذه الامور كادت ان تطمس شخصية جوزيف او شيفاريتس لاحقا اصبح كظل في الليل لا يرى او كطيف شاحب يخاف الهدوء يرتعب من الظلام حذر لدرجة الجبن و بعد معاناته هذه انعم الله عليه بجواز سفر و بعض الاغراض و أموال كورث بعد وفاة احد الاصدقاء
هنا بدأت تلوح بعض الذكريات في الأفق اشتياق و حنين غير عادي لهيلين الزوجة و الحبيبة و السند تحدى العقبات و خاطر كثيرا الى ان عاد الى منزلهما في المانيا و بعد لقاء حاصره الفتور الى حد ما هربا معا و تكبدا عناء ذلك بحيث تم اعتقالهما و زج بهما في السجن و تفاقم مرض هيلين المميت الى ان اقمت على الانتحار بمحض ارادتها
كل هذه الاحداث و غيرها من التفاصيل سردها صديقنا في ليلة هادئة فالهدوء يجعلنا نحب ان ننصت خصوصا للفضفة فكان المكان لشبونة ليلا و تم خلالها الانتقال من حانة لاخرى الى اقدم الصباح بضجيجه حيث التقى باحدهم يغازل السفينة الراسية في الميناء متوجهة الى امريكا و لا يملك لا الاذن و لا التذكرة فاقترح عليه ان يستمع له مقابل السفر
الكاتب في هذه الرواية عرج الى منتصف القرن الماضي في اوربا اين كانت تعاني ويلات الحرب و الظلم و السطلة الفاسدة و الهمجية ضد المواطن و صديقنا رغم تحرره من سجون الاعتقال الفرنسية و الالمانية الا انه لا زال يقبع في سجن الماضي بين سلاسل التقييد
هذه الرواية لخصت الماساة التي خلفتها تلك الانظمة الجشعة في فناء الكثير و الكثير بحيث اثناء سرده ذكر اكثر من نموذج مما كان يحصل انذاك هروب من النازة للوقوع في ايدي الفاشية, فسي خضم هذه الماساة تولدت قصة حب اقوى من الرصاص تميزت بالتضحية و الارادة القوية للوصول الى المبتغى هذا يدل على ان المشاعر الراقية و النبيلة لا يمكن طمسها هيلين السيدة الالمانية الارسطقراطية تحدت المرض حصار اخوها القيادي في الجوستابو الالماني و حين ظن انه وصل لبر الامان وضعت حدا لحياتها
ما يميز هذه الرواية قوة النص و ثراءه اللغوي رغم انها مترجمة و هذا ان دل يدل على قوة النص الاصلي كذلك دون ان ننسى ذكر بعض الاحداث التاريخية زمانيا و مكانيا كون الماتب عايش تلك الفترة الحرب العالمية الاولى كضابط و الثانية كهارب في شوارع اوربا المصطبغة بالظلم و الظلام فاحسن تصوير تلك الاحداث
*اقتباسات من الرواية
خلفت ورائي مدن تقبع في حالك السواد كانه منجم
سواحل البرتغال هي الوحيدة التي بقيت ملاذا للفارين الذين اصبحت العدالة و الحرية و المساواة تعني لهم اكثر من الوطن و الوجود
يستطيع المرء ان يشتم رائحة الحرب كما يشتم رائحة الحريق قبل رؤية لهيب نيرانه
لا توجد اسباب وجيهة عادلة لتجعل منك ضحية
الذكريات غالبا ما تحمل بين طياتها الندم ..الندم من عدم الاحتفاظ بالاشياء الجيدة و اباحتها و الندم على عدم القدرة على تصحيح الاخطاء
الذكريات تتحجر فقط عندما يموت الانسان
اللامعقو هو اكثر الامور خطورة
كما انه علينا الا ننسى ان ذاكرتنا تحاول تزوير الحقائق بقصد الحفاظ على بقاءنا , انها تحاول ان تجعل من اللامحتمل امر معقولا مستعينة بغشاء النسيان
لا يمكن للمرء ان يدين امة تناضل من اجل البقاء و بطلب منها ان تحاول اعطاء المهاجرين حقوقهم
لقد خلفنا احلامنا في كل مكان كخيوط العنكبوت المتطايرة في الخريف
الوحدة تبحث دائما عن رفاق و لا تسال عمن يكونون
بقلم: عفاف بن مهدي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire