أقلام في حوار مع الكاتب والصحفي مصطفى زياتين
سيد مصطفى زياتين أرحب بك معي أنا الآنسة حميدة شنوفي في هذا الحوار كما وتتشرف مجلة أقلام الأدبية الالكترونية بهذه الاستضافة.
*أولا من هو مصطفى زياتين وكيف يعرف عن نفسه؛ ككاتب وكصحفي ربما ؟
مصطفى زياتين، شاب جزائري ينحدر من ولاية عين الدفلى، تعديت سقف خمسة وعشرين سنة مؤخرا بتاريخ الـ 16 إبريل، أحسبني إنسانا أولا قبل أن أكون كاتبا أو صحفيا، صقلتُ مساري الجامعي بالهندسة المعمارية، ثم اختارني العمل الجمعوي رفيقا بمدينتي العطاف كمؤسس ورئيس لجمعية "ناس الخير العطاف"، بعدها وقد كنت نشبت رويدا رويدا على حب القلم ومداعبته لأرشح نفسا كاتبا مدافعا عن الحق والحقيقة، ثم قبل عامين ونصف توجهت بإبداعي وشغفي بعدسة الكاميرا .. تلك التي تسحر ناظر من يحدق فيها، توجهت إلى عالم الإعلام فصرت صحفيا مقدما مرورا بالقناتين الفضائيتين "الأجواء" تلتها "نوميديا".
**********
*مصطفى زياتين الكاتب كيف بدأت رحلته مع الكتابة ومذا تعني له هذه الأخيرة ؟
و هل يترك القلم يتحكم فيما يكتب أم انه هو من يتحكم في قلمه؟
رحلة الكتابة ترجع لأيام الثانوية متى كنت لي محاولات مقتضبة في الخاطرة والقصة القصيرة، أتذكر حينها لمحتني على حين غرة أستاذتي للأدب العربي أداعب القلم وكانت بين يدي قصاصات أدبية فقرأتْها، بعدها بيومين حدثتني وتوسمت فيّ كاتبا مبدعا مستقبلا إن أخذت بنصائحها التي كانت أن أغتنم مرحلة الجامعة أحسن اغتنام بالمشاركة بالتظاهرات الأدبية وكذا تجربة إلقاء ما أكتبه عبر الإذاعة والتلفزيون، وكان ذلك بالطبع، قمت بما طلبت مني حرفيا وكبرت أنا وكبر في صدري ذلك الطفل المتشوق للحرف، كبرتُ وزاد حبري سيلانا .. كبرتُ وأحسست حتى تيقنتُ أن الكتابة أسمى مهنة في هذا الوجود.
بخصوص سؤالك الثاني، أقول أنه لست أنا من أتحكم بقلمي أم قلمي من يتحكم بي بل تلك القصص والحكايات والأحداث التي نعيشها يوما بعد يوم، من تفرض علينا التحرك باسم الكاتب الذي ينافح عن حق المظلوم المغتصب، وعن كل رأس مثقل بالهموم يحتاج لمن يحك على جبينه ويواسيه في محنه ويفرح أحيانا في أفراحه.
**********
*بالنسبة للحافز هل تربى مصطفى في جو عائلي وبيئة محبة لهذا المجال
أم أن الحياة والصدف هي من جعلتك تكتب؟
يمكن القول أن الجو العائلي الأكاديمي كان له الأثر الكبير في تكوين شخصيتي الأدبية، فوالدي متخرج من سلك التعليم بمسيرة 40 سنة بين منصب أستاذ للغة العربية ومدير لابتدائية، والجزء المتبقي يعود إلى حبي للتواصل والحوار الذي فقدته في صغري بسبب إصابتي بمرض "التأتأة" التي كانت بمثابة سد أمامي، فلما تخطيته بالأدب وترجمة ما أكتبه صوتا أمام أصدقائي وأساتذتي وأمام كل محبي الإلقاء الجميل الملهم، صرتُ شغوفا أكثر بكل ما له صلة بالتجمع لعيون هذا المجتمع.
********
مع العلم أن الكاتب يكتب لنفسه أولا و ينشر للقراء ثانيا"*
ماذا تعني لمصطفى كلمة قراء
وهل كانوا دافعا لك لتكتب وتنشر لهم ما تخطه أناملك ؟
كلمة قراء تعني لي ذلك الإسمنت المتجمع بين حبات الآجر، بدونه يفقد البناء تماسكه وتوازنه، وكانت أغلب كتاباتي ولازالت .. تعالج آلام الغير وأحساسيهم أكثر منه ما أكتبه عن نفسي، والدليل مثال خاطرة من بين خواطري كتبتها عن أحد أصدقائي "يزيد" من ولاية باتنة، تحت عنوان "فكيف عن حبك يا صفيّ أنفطم؟" تحكي قصة اشتياقه لابنه "صفي الرحمن" سنوات مكوثه بالغربة.
*********
*بالنسبة للولوج لعالم النشر رغم صعوبته كيف كانت البداية من كان الحافز وكيف كانت تجربتك لحد الآن في هذا المجال؟
تجربة عالم التأليف والنشر لم تكن الأمر الهين بالنسبة لي، واقع أتقاسمع مع أقراني الكتاب الشباب بحجة أن أغلب دور النشر في الجزائر وأراها كذلك في الوطن العربي توجه عينها نصب الربح المالي فقط، لكني لم أبق مكتوف اليدين وجاهدت بسلاح الصبر والإرادة على المضي قدما دون سند أو دعم، إلى غاية تعرفي بالشاعر الكبير ابن مدينة عين أزال بولاية سطيف "محمد جربوعة" الذي سهل علي طباعة كتابي الأول "ليلا، أحدث الياسمين عنكْ"، أما كتابي الثاني "وجع الحديث" فاقترحت طباعته على المثقف المقدر لقيمة الأدب والمؤمن بمواهب الكتاب الشباب "مهند الجهماني" مدير دار "الكتاب العربي" والذي تبنى عملي الأدبي الثاني ولاقى صفحات كتابي بالرعاية والإشادة.
************
*كيف ينظر مصطفى لجل دور النشر الجزائرية مقارنة بمثيلاتها في الدول العربية
أم أن لا اختلاف حيث يواجه الكاتب إعداما لأحلامه قبل أن يفكر في الولوج لعالم النشر حتى... باستثناء بعضها طبعا. .
وبالنسبة لدور النشر المصرية وكذا باقي دور النشر في الوطن العربي
و باعتبار أن من كانت لهم تجربة معها وجدوا أن تكاليف النشر فيها ليست بذلك الغلاء الذي تتخذه جل دور النشر الجزائرية كهدف لتحقيق الربح كتجارة مربحة يعني ؟
ما رأي مصطفى في هذا الطرح؟
أولا، أغلب دور النشر في الجزائر أو الوطن العربي تنظر للجانب الربحي قبل الجانب الإبداعي، ولا أرجح كفة بلد على آخر لأنه واقع يرى ولست تفاهة تفترى.
ثانية، حقيقة دور النشر المصرية استطاعت أن تستقطب عديد الأقلام الجزائرية لأنها مهد للحضارة والتاريخ من جهة وأيضا ربما أراه بسبب دعم حكومي كاف للقطاع الثقافي عكس الجزائر التي أراها لم تصل بعد إلى عتبة احترام التأليف والنشر وإعطائهما القدر اللذان يحتاجانه.
ثالثا وأخيرا، أحيانا أتأسف إلى جانب أصحاب دور النشر فهم على حق بجزء يسير، فإذا كانت نسبة المقروئية ضعيفة ولم تدعم الجهات الرسمية جانب النشر والتأليف بالحجم الكافي فكيف لصاحب دار نشر أن يجازف بأمواله كي توضع في خانة الهدر والخسران؟.
**********
* كتاب "ليلًا، أحدّث الياسمين عنكْ" الصادر سنة 2014 ممكن يحدثني مصطفى عن أول مولود له وملخص بسيط عنه و عن إصدارك الثاني "وجع الحديث" لسنة 2016؟
مؤلفي البكر "ليلا، أحدّث الياسمين عنك" الصادر عن "مؤسسة نوفا جرافيك" سنة 2014 جمعت فيه باقة من خواطري التي عالجت عديد القضايا الاجتماعية والإنسانية والوطنية، أبرزها الثورة التحريرية المجيدة، الفتنة التي مست بغرداية والقضية الفلسطينية.
أما كتابي الثاني "وجع الحديث" الصادر عن دار "الكتاب العربي" سنة 2016، فجمعت فيه حوالي 50 عملا " بين مقالة وخاطرة وقصة، حاولت من خلالها أن أنصف رباعية "الإنسان والعقل والقلب والوطن".
تحدثت فيه عن أصدقاء لي عانوا من قصص حبّ وحرب، أصدقاء وجِلوا من أن لن يجدوا من يتذكرهم ويحضُن حالهم، فكنتُ أذنًا صاغية وصدى صوتهم المبحوح.
استنارت صفحات كتابي أيضا بشموع جزائرية متقدة لا تأفل أو تخبو مثل الشيخ والإمام الصحفي "عبد الحميد ابن باديس" -رحمه الله-، وكذا الشيخ العلامة "محمد الطاهر آيت علجت" -أطال الله عمره، خُضت كذلك بـ"وجع الحديث" في عناوين سياسية تهمّ الوطن والمواطن الشريد البسيط وختمته بخواطر للإحساس الناعم والحبّ العفيف.
************
*هل كان لمصطفى تجربة في احد معارض الكتاب الدولي.
وإن كان كذلك هل أنت راض عنها وعن المرتبة التي تحصلت عليها في قائمة نسبة المبيعات؟
*وهل يعتبر مصطفى أن هكذا نسب تتحكم في جودة النص أم في قوة دار النشر وشهرتها ربما وكذا شهرة الكاتب نفسه .؟
أول تجربة لي كانت سنة 2016 بالطبعة الحادية والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب حيث شاركت بكتابي "وجع الحديث" وأحمد الله أن كتابي كان بين الكتب التي حققت نسبة مبيعات مميزة بالنسبة لدار "الكتاب العربي".
أما بنسبة المبيعات فهي لا ترجع إلى عامل واحد أو معين، فشهرة دار النشر تلعب دورا وكذلك الحال بشهرة الكاتب وجودة عمله، إلا أنني أغلب هذه الأخيرة وهي محتوى الكتاب ومدى عمقه وتأثيره في القارئ المتلقي، لأن هذا هو الأصحّ والأبقى.
************
* كيف ينظر مصطفى للسوشيال ميديا كوسيلة للإشهار وهل تحقق مواقع التواصل الاجتماعي تلك النتيجة المرضية المتوقعة لانتشار المصنف؟
نعم، فمواقع السوشل ميديا نافذة مفتوحة على العالم الواسع الكبير فهي قد ترفع شأنه وقد تنسف به نسفا إذا كانت أعماله خالية من الصدق والموضوعية، أرى أن الفيسبوك خصوصا فرصة للكتاب الشباب لكي يحتكوا بقامات أدبية كبيرة وكذلك هو فضاء لطرح الأفكار والالتفاف حولها، تكنلوجيا وأي تكنلوجيا وعلى المبدع أن يكون حذرا متفطنا دوما وذكيا في غربلة الشوائب عن الأساس.
************
*من هو قدوة مصطفى من الكتاب والروائيين
ومن يستلهم منهم ابداعاته ربما؟
أو بعبارة أخرى لمن يقرا مصطفى زياتين ؟
حقيقة، سؤال طرح علي مرات عدة وكنت دائما أجيب باختصار وببساطة، آخذ الوطنية من الشاعر الفلسطيني "محمود درويش" وفيض الحب من الشاعر السوري "نزار قباني" أما في الجزائر أقرأ بشدة للشاعر الروائي الكبير "محمد جربوعة"، لكن هذه الأسماء لا تمنعني عن قراءة ومتابعة ما يكتبه أصدقائي الكتاب الشباب في الجزائر والوطن العربي .. وما أكثرهم.
************
*على ماذا يعتمد مصطفى الكاتب للتطوير من مردوده الإبداعي و المعلوماتي؟
وما الذي يطمح إليه مستقبلا من وراء الكتابة ؟
ببساطة، تطوير الشخصية الأدبية تكون بالقراءة والمطالعة والاحتكاك بأصحاب الخبرة والاختصاص، واسمحي لي أن أعارض سؤالك الثاني بقولي أني أطمح مستقبلا أن أكون قارئا جيدا قبل أن أكون كاتبا جيدا فالقراءة الجيدة تفضي لا شك إلى كتابة جيدة، فلسفة غابت عني قبل مدة وأراها الآن هدفا أولى.
********
هناك انتقادات يتعرض لها الكاتب ربما من أشخاص لم يقرءوا المصنف قط * فقط من أجل الإحباط.
كيف تتعامل معهم.
وهل يترك مصطفى لهؤلاء منفذا للإحباط من عزيمته؟
سأكون صادقا إن قلت لك أنه في بداية مسيرتي الأدبية بسنوات كنت أغضب أشد الغضب من بعض المنتقدين، وهنا لا أقصد المنتقدين بهدوء وحكمة وبناء بل أولئك الذين همهم الوحيد أن يكونوا شوكة في حلق المبدعين أينما وجدوا، أما الآن فأنا أخطو بمنطق أن من نفعني أشكره وأثني عليه ومن أساء إلي وأراد كسر خاطري وإزاحتي عن مساري الإبداعي بقصد أو دونه أعتبره حجرة ليس إلا أتخطاها وأمضي قدما أو كدرج سلم أمر عليه كي أرتقي إلى درج أعلى، وكنت قد صادفت الكثير ممن لا يعجبهم كوني كاتبا شابا ومؤلفا أو لقطعي مسيرة متواضعة في مجال الأدب والإعلام وسني لم يتعد ربع قرن فقط، هؤلاء أسأل الله لهم الهداية كي يصرفوا نظرهم إلى ما ينفعهم وينفع غيرهم.
**************
*بالنسبة للنشر الالكتروني:
هل يعتبر مصطفى أن هذا الخيار هو الأحسن في حالة ما إذا استعصى على الكاتب تحمل تكاليف النشر الورقي
أم انه سيكون بمثابة ظلم للكاتب و باعتبار أن هكذا تصرف سيجعل إمكانية اقتناء النسخة الورقية محدودا؟
من جهة، أرى أن النشر الورقي لا يختلف عن النشر الإلكتروني إذا قننته الجهات الوصية وصار هذا الأخير متاحا عبر خدمة الدفع الالكتروني لأن هذا ما ينقص اليوم في الجزائر، الكاتب يجد نفسه مضطرا لتقديم كتابه مجانا على صفحات الواب إذا عجز في ترويجه بالنسخة الورقية على أرض الواقع، إذن كما من حق القارئ أن يصل لعناوين الكتب بسهولة من حق الكاتب وصاحب دار النشر كذلك أن تكون له أرضية إلكترونية لتسويق مؤلفاته.
************
*علما انك حائز على عديد الجوائز في مسابقات شتى أهمها مسابقة همسة الدولية للآداب والفنون..
ما هي النصيحة التي يوجهها مصطفى زياتين للكتاب الشباب خصوصا في بداية مشوارهم الأدبي ؟
وهل يجب أن تكون انطلاقتهم الإبداعية ككتاب من هكذا منابر (مسابقات و مشاركات في الجرائد والمجلات...الخ )؟
سؤال جميل وجيد ومهم في آن واحد، حقيقة كان لي شرف أن أمثل الجزائر بدولة مصر سنة 2015 في الطبعة الثالثة من مهرجان همسة الدولي للآداب والفنون وتتويجي بالمرتبة الأولى في مجال الخاطرة، ونصيحتي لأصدقائي الكتاب خاصة الذين مازالوا في أول الطريق أن يعتمدوا على أنفسهم أولا وآخرا ولا ينتظروا الدعم من أحد إن لم يجدوه، فليس غيابه حجة للتوقف والتعثر فعالم الأدب مليء بالحفر والمطبات.
نصيحتي أيضا بخصوص المسابقات والمشاركات بالجرائد والمجلات، أقول أنها تعتبر وسيلة تستغل وليست غاية ترتجى، فلا يجب أن نركز عليها كثيرا فهي بمثابة "الشهرة" هذه التي أعرّفها على أنها نتيجة حتمية لنجاحات متتالية، فعلينا جميعا أن نؤمن بيقين أن النجاح آت لا محالة إذا أصدقنا نياتنا وكان هدفنا الوحيد من الكتابة هو إضاءة ركن مظلم ما في هذا العالم.
*************
*لحد الآن هل أنت راض عن نفسك أولا ومقتنع بما قدمته للساحة الأدبية والقرائية ثانيا؟
حاليا أنا مقتنع من جهة أني قد قطعت شوطا مهما في مسيرتي الأدبية والإعلامية مقارنة بعمري الذي يتعدى ربع قرن ببضعة أيام فقط، أما الرضا الكامل فلا أعترف به لأن مرتبط بالكمال فإن قلنا أننا راضون عن أنفسنا بالتمام فكما أننا قلنا أننا مكتملون، والكمال لله وحده سبحانه.
***********
*عن جديدك ماذا يمكن أن يخبرنا به كاتبنا مصطفى زياتين ؟
أفكر في أمور عدة وفي آن واحد، أولا أفكر أن أدخل عالم الرواية، وثانيا أفكر في ترجمة عملي الثاني "وجع الحديث" إلى اللغة الإنجليزية، لكن مطمحي الحالي كما أسلفت الذكر، أرغب في الوقت الراهن بأن أكون قارئا جيدا قبل أن أكون كاتبا جيدا.
حاورته: حميدة شنوفي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire