المرأة بين الطلاق وظلم المجتمع المعاق____________________
على الرغم من أننا أصبحنا في القرن الحادي والعشرين، إلا أن المرأة ما زالت تقع بين أنياب مجتمع ينهشها بعادات وتقاليد بالية، تلك العادات التي تخرج للمجتمع أجيالا أكثر إعاقة من سابقتها، فما زالت هناك مجتمعات تزوج الفتاة وهي ما تزال طفلة لا تعي ما معنى الزوج والمسؤولية ولا كيفية تربية نشء صغير. ما بين الطلاق والمعاملة السيئة من الزوج تقف كثير من النساء حائرات، فالأهل ينظرن لبناتهن وكأنهن جبال شامخة؛ يجب عليها أن تتحمل التقلبات المزاجية للرجل دون أن تتأثر على الإطلاق، ولا يسمح لها بالشكوى والأنين كما لا يسمح لها بالانفصال وتقع بعض النساء أو كثير منهن لظلم جائر من المجتمع في حال حصولها على الطلاق، فيكون النظر لها كمن ينظر لامرأة سيئة السمعة وكأن الزوج تركها فقط لذلك السبب، فهي بالتأكيد قد خانته أو كانت مهملة في واجباتها الزوجية ومهامها المنزلية، لا تهتم بنفسها ولا بزوجها، الكثير من الأمور يضعها المجتمع نصب عينيه بمجرد علمه بأن تلك المرأة مطلقة على الرغم من أن المرأة قد تطلب هي الانفصال لأسباب كثيرة ومتعددة، ولكن المجتمع لا يرى تلك الاسباب على الاطلاق ولا يهتم بها، فالرجل لا يعيبه شيء ولا يضره الطلاق بأي شيء. المرأة المطلقة تجد نفسها فجأة فريسة الشائعات إذا ارتدت ملابس جميلة وخرجت من المنزل لأي سبب كان، بل إن بعض الرجال يجدن أن المرأة المطلقة هي فريسة سهلة الايقاع وهي ليست على استعداد تام للانحراف وذلك كونها بالطبع منحرفة وبعض الرجال يستغرب كثيرا ويشعر بالضيق إذا وجد المرأة المرغوب بها لا تسير على هواه، وبالطبع هو لا يقتنع أنها ليست سيئة على الاطلاق، الواقع أن هذا ليس فقط ما تجد المرأة نفسها فريسة لها بل هي تجد نفسها أيضا فريسة العزلة فلا دعوات للمناسبات ولا خروج مع الأصدقاء، فهي غير مرغوب بصحبتها خاصة من النساء المتزوجات لنفس تلك النظرة السيئة لها.
الواقع أن في ظل تلك النظرة المقيتة للمرأة المطلقة تضطر كثير من النساء إلى تحمل ما لا يتحمله بشر حتى لا تحمل ذلك اللقب المكروه، كما أن بعض الرجال يستغل هذا الامر لصالحه أبرع استغلال، فنجده إذا شعر بتبرم المرأة وضيقها منه ومن معاملته يهددها بالطلاق مباشرة علماً منه بخوفها من ذلك اللقب مثلها مثل الملايين من النساء، أو نجد رجالا أخرين يقسمون بالطلاق مراراً وتكراراً خاصة على زوجته لتقوم بعمل ما وهي مرغمة، وفي ظل تلك الأزمة والرعب التي تحياه المرأة أصبح بعض الرجال يستولون على أموال نسائهن وهن يصمتن مقابل أن لا تحمل ذلك اللقب.
وعلى جانب اخر لهذا الاستغلال السيئ لخوف الأهالي من حمل بناتهن للقب مطلقة يقوم بعض الرجال بالزواج من فتيات دون السن القانوني للدول ليجبر الأهل والفتاة على تحمل ما لا يحمد عقباه، فهو لا يبحث عن زوجة بقدر ما يبحث عن خادمة لأهله أو لزوجته الأولى، ولأن عقولنا ما زالت نائمة في القرن السابع عشر فما زال كثير من الأهالي ينظرن إلى الفتاة كأنها عبء يجب التخلص منه بالزواج فوراً، ولذلك يتم قبول العريس الأول للفتاة حتى لو كانت في الثالثة عشرة من العمر، وأحيانا ما يتزوج الرجل بطفلة بهذا العمر ليجعل زوجته المتمردة ترتدع وتصبح تحت طوعه، ثم يقوم بطلاق الفتاة الصغيرة لتحمل ذلك اللقب قبل أن تتم حتى الثامنة عشرة من عمرها، وهذا هو أسوأ استغلال فيقع الأهل في حيرة كبيرة وذلك كون الزواج غير موثق بعقود ولتسجيل هذا الزواج يقبل الزوج ولكن بحالة واحدة وهي تنازل الأهل عن كامل حقوق الفتاة بل يصل الامر ببعض الرجال أن يجعل الأهل يتنازلون حتى عن ملابسها إمعانا في الاذلال، فتخرج الفتاة من تلك التجربة وقد فقدت طفولتها وبراءتها وحريتها وأيضاً خرجت وهي تحمل عقدا نفسية لا حد لها ولقب ليس لها ذنب فيه سوى أنها فتاة وقد تحمل جنينا في أحشاءها لتتحول لطفلة تربي طفلاً، الواقع أن تلك المشكلة التي تقع بها الصغيرات كون الأهل لا يستوعبن حتى الآن أن قوانين الزواج التي تضعها كل دولة وهذا العمر الذي تضعه الدول إنما هو حماية لبناتهن من بعض الرجال ذوي النفوس المريضة، وهذا يضع أمامنا تساؤل ما هو شعور الأب الذي سعد بتزويج طفلته الصغيرة والتي كانت تلعب مع أقرانها منذ أشهر قليلة وقد أصبحت تحمل لقب مطلقة وهي ما زالت دون العشرين بسنوات طوال؟، وما شعوره بكونه وضعها بيديه بذلك السجن المقيت المسمى بالطلاق ونظرات المجتمع لمن تحمله وهي ما زالت طفلة؟
قد يكون ما يحدث الآن في المجتمعات نتيجة الجهل بالشرع من ناحية وبأهمية المرأة ودورها الجليل في إخراج رجال وبناة للأوطان وحماة لها، فالرجل لا يرى من الشرع سوى مصلحته، فنجده لا يرى سوى مثنى وثلاث ورباع، والرجل قوامون على النساء، وإذا سألتهم على حقوق النساء في كل ذلك فهو لا يرى سوى أن المرأة عليها أن تسعد أنها قد وجدت من يأويها ويطعمها ويقوم بالإنفاق عليها وكأنه يمن عليها بهذا الأمر ناسيا دوما أن "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"
وبالنهاية لا نقول إلا ما قاله النبي الكريم "رفقا بالقوارير" فإن ظللنا في هذا الظلم البين فلن تتقدم مجتمعاتنا خطوة واحدة، وكيف لها أن تتقدم إذا كانت المدرسة تعاني من ذلك الظلم فالأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، وليعلم الجميع أن ليست كل مطلقة امرأة سيئة فقد يكون الطلاق وما تعانيه منه أفضل بكثير من البقاء مع زوج لا يعلم عنه شيء سوى المولى وهي فقط.
بقلم:
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire