آخر الأخبار
... جاري التحميل

خلود في منفى القلم قصة قصيرة بقلم المبدعة آمال بسمة عريف.

0



_خلود في منفى القلم_
اسندت رأسها الى الحائط وهي تحتضن وسادتها بزاوية غرفتها المظلمة أين وضعت مسكنات الالم ، على عتبة أحلامها المدثورة جلست تراقب سقوطها من أعلى التل الى سحيق الهاوية لتعلو زفرات تصدر من عمق صدر الوجع توحي بذلك الضجيج الذي يوشك أن يفجر عروق الذاكرة جاعلا القلب متمايلا ، يرقص يمنة ويسرة على معزوفة الرحيل والهجران فينسدل ستار النافذة ليخفي آخر أشعة القمر لهذه الليلة ليسودها الظلام ويطغى ، لازال ذلك الصمت الثقيل يصاحبها كلما ودت الاستلقاء ليترجم عن سبب تلك الهالات السوداء التي تحوط باسفل عينيها ككحل يطوق اهداب ستينية حكيمة خبرت من هذه الحياة كفايتها ، هنا يبدأ ذلك العبق يتراشق بذاكرتها لتتجرع آخر قطرة من كأس الحنين معلنة صمودها بتلك الابتسامة المنكسرة.
   نعم انها انا ، احاول جاهدة ان ابتسم لقلبي الخائن الذي فقدته في مكان ما ، يوم كنت اتخذ من ازقة الليل دروبا للعبور اليك ، خذلني هذا القلب اللعين ليغدوا كفصوص الطوق المتناثر معلق على اعتاب الاماني المسبقة بخيبات الامل الموجعة ، لازلت كما عهدتني انسج لك من حلج الشمس كوفية ذهبية لتطغى على لمعتك تلك المعلقة بين الرموش والعيون ، اقايض عطرك ليزورني كلما اشتقت لك لتنسحب الروح مني اليك واسقط في هواك للمرة السابعة والعشرين ، جاعلة بذلك البحر باسما رغما عنه متراقصة امواجه على اوتار الخمائل فتشتغل الشموع وتضاء الروح حتى آخر زاوية بها...يمر شريط الذاكرة المنهكة سريعا مستدعيا هطول تلك المدامع التي تحضر بخجل مفاجئ معلنة تضامنها ونشيج الموقف ، مغتسلة الذاكرة بهذا الدمع الهاطل بغزارة الشوق والحنين لِتُحْبَسَ تللك التأوهات الى ما بعد ربيع الالم..!
   بسماتي المصطنعة تلك حتى هي باتت ميتة مصلوبة على عتبات الغياب لترسل تراتيل الابتهالات الضريرة على ذلك الضريح فتهترأ الاعصاب معلنة انتشائها من استنشاق عبير البؤس الذي يحوم بالارجاء ليدخل الروح نفسها في عتمة سرداب دامسة تشتهي موتا ينجيها ويغلق عليها الباب وراء الباب وراء الباب، لازالت صامتة تكتم ما في داخلها الا أن كل ذلك السواد طغى عليها هذه الليلة ليترجم نفسه على هيئة صداع لعين يتلاعب باوتار الذاكرة كعازف لمقطوعة موسيقية مبتذلة صاخبة ، تسارعت الانفاس كأنها تسابق الوقت في تتالي ثوانيه ليختلج الجسد رعشة  قلبها الوتين تسري حتى أخمص قدماي لتسقطني ارضا من غير القدرة على النبس ببنت شفة ، كل ما شعرت به أن الوقت المكنون بين الشهيق والزفير طويل جدا...هدوء وصمت يعبثان ببقايا الروح الصدأة فمن اين لي بعلاج لصفعات الروح القاتلة.
   بينما رذاذ الذكرى يمطر علي ليعيد لذاكرتي المنهكة بعض الوعي ، جمع الليل سواده ليفارقني هو الآخر وانا في طريق العودة من وعكة الروح هذه معلنا المراسم الاخيرة لرثاء ضلعي الايسر الذي جزته الحياة ودفنته من غير عزاء في احدى دهاليزها الضيقة تحت هذه الارض البور ، هنا اتيقن ان الوقت كان ولايزال خدعة تغريني بعروض السراب والاجنة الخفية التي تزورني ليلا كسفينة مهجورة تقودها الاشباح تحط رحالها باحدى شطآني السبعة في كل خروج لها من المرسى . لازلت اسهب الحديث مع ذلك السراب عله ينتشلني من بين تشققات العمر ليحيي املي المبتور هناك على حشرجة مواويل الفراق الكئيبة و قارعة جفن ينم عن دمع تحجر اسفلها ، تعبت الروح فيني لتكتم كل ما تبوح به معالم الملامح المهترئة.
   منتصف الليل وبعد، جزيئات السعادة التي كنت املكها اختفت لتغدو روحي معراة من كل ما له علاقة بالفرح ومعانيه، ثقوب بهذا القلب العليل حتى غدى نايا حزينا كل الحانه بداء اليأس تُعاب لأجد نفسي اعتذر لروحي لاول مرة نيابة عن كل شيء قتلها وجعلها جثة حية تختنق ببطئ شديد ، اجد نفسي غير كل البشر كل يوم اتنفس فيه تزداد حالتي سوءا تلك الذكريات التي كانت سابقا تشحذ همتي وتضيء عتمة الروح كاشراق الشمس اصبحت نفسها حارقة للامل وكل ما يجاوره من مشاعر لتكون السبب في ذبول وجهي الفاتن..!
   تخالطني نسمة باردة مع غيوم من دخان ، ضوء خافت يشعرني براحة ممزوجة بالحنين الى دفتري والقلم ككقارب جذبه البحر للقاع المرجاني ، نور يداعب عتمتي تلك لتتساقط كل الاوراق دفعة واحدة ، انتظر جاهدة تفكيك ملامحي المتلاصقة...اهلكت هذا العمر وانا اقارع كؤوسا فارغة ! لماذا..؟
 في الاخير لاموت عطشا ، لازلت لا امتلك فن الرد في كل موقف ، فقط حين اختنق بظلمه لي الوح للسماء لأجد الحرف يتراقص على الورق فيتعدل مزاجي وتزهر الروح وتمطر السماء ياسمينا لانتبه الى الازقة الملتوية التي اضحت مستقيمة اثناء عودتي فأسارع لعناق روحي كما تعانق الالحان الاصيلة اوتار العود ، صدقني عقيم هو الحرف الذي لم ينجب منك قصيدة.
   يلتف حول يراعي القصور لتكتسي حروفي بك ، مازلت الكتابة لك...عنك وبسببك ، في هكذا لحظات امارس عادتي السيئة بالكتابة لتعتزل الحروف وتتخلى عن فرحها فقط لتشاركني حزني ،لازالت بسمة تتمرد و تتفرد بالكتابة وحروفها تتقن الحرفتين.!
الكتابة عندي لطالما كانت وستبقى مجرد لعنة وجع!

بقلم : آمال بسمة عريف (سطيف)
بسمات_القوافي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

جميع الحقوق محفوظه © أقلام

تصميم Noro Soldat